بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والعاقبة الحسنى للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين
إن
ربي على صراط مستقيم كان حقا عليه نصر المؤمنين
وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه إلى يوم الدين.
أما بعد:
يقول الله عز و جل في محكم التنزيل{وَإِنِ
اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْر}[ الأنفال 74]، و يقول
سبحانه و تعالى {وَالْمُؤْمِنُون َوَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }[ التوبة 71]
وقال نبينا صلى الله عليه
وسلم{المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يسلمه} رواه مسلم،
وقال{ما
من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه
حرمته، وينتقص فيه من
عرضه؛ إلاّ خذله الله في موضع يحب فيه نصرته, وما
من امرئ ينصر مسلماً في
موضع ينتقص فيه من عرضه, وتنتهك فيه حرمته؛ إلاّ
نصره الله في موضع يحب
فيه نصرته} رواه أبو داود،
وقال{مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى
له سائر الجسد بالسهر والحمى}.
من أجلها ذرفت عيون،
ولتربها حنت قلوب، من أجلها شد الرجال عزائم الأبطال، أحيوا في نفوسهم
الحماسة، عرفوا معنى النضال.
إنها فلسطين أرض القدس، أولى القبلتين
وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم .
إنها
فلسطين الأرض المباركة بنص كتاب الله، قال سبحانه {سُبْحَانَ
ٱلَّذِى
أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ
ٱلْمَسْجِدِ
ٱلأقْصَى ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء1]
في
غزة هاشم الآن أكثر من مليون ونصف مليون مسلم يعانون من ويلات الحرب...
أشلاءٌ متمزِّقة ودماء متدفّقة، بيوتٌ على أهلها تدمَّر ومرافقُ
حياتهم تُفجَّر، دموعٌ تتوالى وصيحات تتعالى، أجساد تمزقت، جماجم تطايرت،
أطفال يتموا، نساء رملوا، مساجد هدمت ومنازل قصفت ومزارع أحرقت ومحارم
انتهكت من طرف أراذل البشر ...
أهل غزة أهل العزّة يواجهون الإبادة
الجماعية، لماذا؟
لأنهم من أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم، لأنهم
أرادوا الإسلام نظاماً يحكمهم، أرادوا أن يعيشوا أحراراً كرماء، لأنهم
وقفوا في وجه المحتل وقالوا للكفر وأعوانه : تبًا وسحقًا وانهزاماً ،
وقالوا في عزة وإباء: سنقاتلكم أيها اليهود، أيها المغتصب أيها المحتل بكل
قطرة دم في العروق، وبكل جنين في أرحام النساء، وبكل نسمة في الهواء، وبكل
قطرة ماء وذرة هواء، سنقاتلكم ما استمسك السلاح بأيدينا، فإن سقط ففي أيدي
بنينا...
من أجل فلسطين لا بد أن نعمل شيئًا، لا بد أن نحرك ساكنا
مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن نفعل شيئًا، مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع
أن نقدم لفلسطين شيئا، مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن ندعو، أن نستخدم هذا
السلاح الهائل الذي طالما قلب الموازين وغير مجرى التاريخ، { هَلْ
تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ}، بدعوتهم وإخلاصهم.
مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن نحمل همّ القضية، أن نتحدث بها في كل
مجلس وبكل لسان، أن نجعلها شغلنا الشاغل في صباحنا ومسائنا، أن نعيش في كل
خطوة من خطواتنا، وفي كل حركة من حركاتنا أن نُعرف بها لنجلو الغشاوة ونحرك
القلوب وندفع للعمل.
مهما كنا ضعفاء فإننا نستطيع أن نقاطع بضاعة
اليهود وأعوان اليهود، وعملاء اليهود نستطيع أن نترفع عن بعض شهواتنا
ورغباتنا لئلا تتحول أموالنا إلى رصاصات في صدور إخواننا، وشظايا في أجساد
أطفالهم، نستطيع أن ندوس بأقدامنا على بعض ما نحب ونألف لئلا نخذل
المجاهدين على أرض الرباط، نستطيع أن نحرم أنفسنا رغباتها، فنهز بذلك
اقتصاد أولئك الذين بأموالهم وأسلحتهم يقتل إخواننا، نستطيع أن نكون سببا
في إغلاق محلات واضطراب أخرى...
نحن هنا نستطيع أن نقاتل بدون سلاح
بدون صاروخ بدون دبابة بدون طائرة
سلاحنا المقاطعة... صاروخنا إنهاك
اقتصادهم... دباباتنا مقت منتجاتهم
سلاح المقاطعة... نعم أنه أشد
الأسلحة
إن المقاطعة سلاح فعال من أسلحة الحرب قديمًا وحديثًا، وقد
استخدمه المشركون في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فآذاهم
إيذاءً بليغًا.. وهو سلاح في أيدي الشعوب والجماهير وحدها، لا تستطيع
الحكومات أن تفرض على الناس أن يشتروا بضاعة من مصدر معين.
فلنستخدم
هذا السلاح لمقاومة أعداء ديننا وأمتنا، حتى يشعروا بأننا أحياء، وأن هذه
الأمة لم تمت، ولن تموت بإذن الله.
ألم يأمرنا الله سبحانه وتعالى
بأن لا نتعامل مع السفهاء في التجارة واليهود أشد سفاهة {وَلاَ تُؤْتُواْ
السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً}[النساء
5]
ألم يحذرنا الله من ولاية اليهود و النصارى والمقاطعة هي عدم
ولايتهم:
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ
وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة 51]
{ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [
الممتحنة 13]
أيها الإخوة المسلمون في بقاع الأرض لقد نسيتم
وتناسيتم أن الله قد أمر المؤمنين بالتعاون فيما بينهم لا سيما في الأزمات،
و يأمرنا أيضا بعدم التعاون مع العدو .
والمقاطعة تعتبر تعاوناً
مع إخواننا فى غزة و في فلسطين قاطبة، و هي من جهة أخرى عدم تعاون مع
العدوان { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [ المائدة 02]
هل نسيتم أن
المؤمنين الذين ينصرون إخوانهم هم المؤمنون حقاً وقد وعدهم ربهم بالمغفرة.
{وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [ الأنفال 74] والمقاطعة من أسباب النصرة لفلسطين، فهل نسيتم أن الله مدح المؤمنين
في قوله
{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ}[ المجادلة 22]فالمؤمنون لايوادون الكفار والمقاطعة
دليل على أننا لا نوادهم
وهل نسيتم أن الله نهانا عن تولي أعداءه
من الإسرائيليين وغيرهم
{إِنَّمَا
يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَأَخْرَجُوكُم مِّن
دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن
تَوَلَّوْهُمْ وَمَن
يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[ الممتحنة 09 ] ولكي نبرأ إلى الله من توليهم يجب علينا مقاطعتهم
تذكروا ـ
أيها الكرام ـ وأنتم تنعمون و تمرحون بين أهليكم وأموالكم، تذكروا بكاء
اليتامى وصراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيامي، تذكروا أننا جسد واحد وإن
فرَّقَتنا الحدود وحالت بيننا و بينهم السدود.
معاً لنحرك سلاح
المقاطعة... معاً للوحدة الإسلامية
لقد آن الأوان لأمتنا الإسلامية
أن تقول: لا لإسرائيل و لا لأمريكا و لبضائعها التي غزت أسواقنا، فالبضائع
الأمريكية
مثل البضائع الإسرائيلية في شرائها والترويج لها. فأمريكا اليوم
هي
إسرائيل الثانية، ولولا التأييد المطلق، والانحياز الكامل للكيان
الصهيوني
الغاصب ما استمرت إسرائيل تمارس عدوانها على أهل المنطقة، ولكنها
تصول
وتعربد ما شاءت بالمال الأمريكي، والسلاح الأمريكي، والفيتو الأمريكي
...
وإذا كان كل يهودي يعتبر نفسه مجندًا لنصرة إسرائيل بكل ما يقدر
عليه، فإن كل مسلم في أنحاء الأرض مجند لتحرير الأقصى، ومساعدة أهله بكل ما
يمكنه من نفس ومال، وأدناه مقاطعة بضائع الأعداء. وقد قال تعالى:
{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ
تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [ الأنفال 73 ]
. بالمقاطعة نبني ذواتنا الإسلامية، بالمقاطعة نحافظ
على هويتنا، بالمقاطعة نقطع الانسياق وراء الثقافات التي لا تراعي تقاليدنا
ومعتقداتنا الإسلامية ...
فهيا معاً لمقاطعة كل منتجات
الأعداء...حتى يتم تحرير الأقصى من براثن المحتلين
ألا
فليهب
المسلمون لنصرة إخوانهم ما استطاعوا، العالم بجاهه و علمه، و
السياسي
بثقله ووزنه، و الكاتب بقلمه و الخطيب بلسانه، لنحتسب ما فيه
إغاظة
العدو و النيل منه، و لنحذر التخلف عن الركب، فقد قال سبحانه
{ مَا
كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ
الأَعْرَابِ أَن
يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ
بِأَنفُسِهِمْ عَن
نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ
ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ
مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ
يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ
الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ
نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم
بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }[ التوبة 120 ]